ورجل مملوك أدى حق اللَّه وحق مواليه، ورجل أدَّب جاريته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران] (١).
الحديث الثاني: أخرج الروياني في "مسنده"، وأحمد كذلك نحوه، بسند حسن عن أبي أمامة الباهلي قال: [كنت تحت راحلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع، فقال قولًا حسنًا، فقال فيما قال: مَنْ أَسْلَم مِنْ أهل الكتاب فله أجره مرتين، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا، ومن أسلم من المشركين فله أجره، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا] (٢).
التأويل الثاني: الضمير في ﴿يُؤْتِكُمْ﴾ يعم المؤمنين من هذه الأمة.
فإن توجيه الآية لعموم المؤمنين الصادقين في تقواهم وحفظهم هذا الدين -من هذه الأمة- يؤيده ما رواه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير قال: (لما افتخر أهلُ الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم مرَّتين أنزل اللَّه هذه الآية في حق هذه الأمة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾، أي: ضِعْفين، وزادهم: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾، يعني: هُدى يتبَصَّرُ به من العمى والجهالة، ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾. ففضلهم بالنور والمغفرة).
وكذلك يؤيده من السنة الصحيحة أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [مثلُ المسلمين واليهود والنصارى كمثلِ رجُلٍ استأجر قومًا يعملون له عملًا يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجْرِك الذي شَرَطْتَ لنا، وما عَمِلْنا باطلٌ. فقال لهم: لا تَفْعَلوا، أكمِلوا بقية عَمَلِكم وخُذُوا أجركم كاملًا، فأَبَوْا وترَكُوا. واستأجر آخرِين بعدهم فقال: أكْمِلوا بقيَّةَ يومِكم هذا، ولكم الذي شرطْتُ لهم من الأجر، فَعَمِلُوا حتى إذا كان حينَ صلاة العَصْرِ قالوا: لَكَ ما عَمِلْنا باطِلٌ ولكَ الأجْرُ الذي جَعَلْتَ لنا فيه، فقال لهم: أكملوا بَقِيَّة عملِكم فإن ما بَقِيَ من النهار شيءٌ يسيرٌ، فأبَوْا، فاستأجَرَ قومًا أن يَعْمَلُوا له بَقِيَّةَ يَوْمِهم فَعَمِلوا بقيَّةَ
(٢) حديث حسن أخرجه الروياني في "مسنده" (٣٠/ ٢٢٠/ ١)، وأحمد في المسند (٥/ ٢٥٩) وفيه عنده "يوم الفتح" بدل "حجة الوداع" - والأول أصح. وانظر السلسلة الصحيحة (٣٠٤).