المسيس بأي شكل من أشكاله - وهو قول مالك وأحد قولي الشافعي.
وعن ابن عباس: (﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾، المسّ: النكاح)، وقال الزهري: (ليس له أن يُقَبِّلها ولا يَمَسَّها حتى يُكَفِّر).
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ﴾. أي تُزجرون به. ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. أي: واللَّه عليم بأحوالكم، خبير بما يُصلحكم.
وقوله: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾. أي: فمن لم يجد ما يعتق رقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين قبل المسيس.
فإن أفطر في أثنائهما بغير عذر استأنفهما، وإن أفطر لعذر من مرض أو سفر يبني على ما صام منهما. قال مالك: (إذا مرض في صيام كفارة الظهار بنى إذا صحّ).
وقوله: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾. قال القرطبي: (ذكر اللَّه عز وجل الكفارة هنا مرتبة، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينًا لكل مسكين مُدّان بمُد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: ودليلنا قوله تعالى: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ وإطلاق الإطعام يتناول الشّبع، وذلك لا يحصل بالعادة بمدّ واحد إلا بزيادة عليه).
وقال النسفي: (لكل مسكين نصف صاع من برّ، أو صاع من غيره).
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. أي: هذا التغليظ في الكفارة لتَصْدُقوا اللَّه تعالى الإيمان به وتعظيم شرعه وهدي نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتنخلعوا من عادات الجاهلية.
وقوله: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾. أي محارمه فلا تنتهكوها، بَيَّنَ لكم الطاعة بعد المعصية، والمعصية هنا الظهار، والطاعة الكفارة وترك ذلك القول المنكر.
وقوله: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. قال ابن كثير: (أي: الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا أنهم ناجُون من البلاء، كلّا، ليس الأمر كما زعموا، بل لهم عذاب أليم، أي: في الدنيا والآخرة).
٥ - ٧. قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا