وفي الصحيحين والمسند عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث] (١).
وفي صحيح البخاري عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إذا كنْتُم ثلاثة فلا يتناجى رَجُلان دونَ الآخر حتى تختلطوا بالناس، مِنْ أجْلِ أنَّ ذلكَ يُحْزِنُه] (٢).
وقوله: ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. قال ابن عباس: (بأمره).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وليس التناجي بضارّ المؤمنين شيئًا إلا بإذن اللَّه، يعني بقضاء اللَّه وقَدَره).
وقوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. قال القرطبي: (أي يكِلون أمرهم إليه، ويفوّضون جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شر، فهو الذي سلّط الشيطان بالوساوس ابتلاءً للعبد وامتحانًا ولو شاء لصرفه عنه).
١١. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)﴾.
في هذه الآية: الأَمْرُ بالتفسّح في المجالس عند الحاجة لذلك وعدم إيذاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مجلسه الكريم، واللَّه تعالى هو يرفع المؤمنين وأهل العلم في درجات الأولياء الصالحين.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾. تعليم منه تعالى للمؤمنين أدب المجالس، وذلك بأن يفسح المرء لأخيه ويتنحَّى توسعة له. وقُرِئَ: ﴿فِي الْمَجَالِسِ﴾. قال الشهاب: (وارتباطه بما قبله ظاهر، لأنه لما نهى عن التناجي والسرار، علم منه الجلوس مع الملأ، فذكر آدابه. ورتب على امتثالهم فسحه لهم فيما يريدون التفسح، من المكان والرزق والصدر).
ورواه مسلم (٢١٨٤) نحوه، وأبو داود (٤٨٥١)، وأحمد (١/ ٣٧٥).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٢٩٠)، كتاب الاستئذان. باب: إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارَّة والمناجاة. ورواه مسلم (٢١٨٤)، كتاب السلام.