حوائج فلا تمكثوا. وقال قتادة: (المعنى أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف).
قال القاسمي: (﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا﴾ أي انهضوا للتوسعة، أو ارتفعوا في المجالس، أو انهضوا عن مجلس الرسول، إذا أُمِرتم بالنهوض عنه، ولا تملوه بالارتكاز فيه).
وقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾. أي: يرفع اللَّه المؤمنين بامتثال أوامره، وأوامر رسوله، فإنه ليس في فسح الرجل لأخيه في المجلس انتقاص له، بل رفعة ومزية عند اللَّه، كما هو النهوض لكل أمر بمعروف.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. قال ابن مسعود: (مدح اللَّه العلماء في هذه الآية). والمقصود: يرفع اللَّه المؤمنين والعلماء بالثواب في الآخرة وبالكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن، والعالم على من ليس بعالم، وللعلماء مزية.
قال القرطبي: (المعنى أنه يرفع اللَّه الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم ﴿دَرَجَاتٍ﴾ أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أُمِروا به).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨].
ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عامر بن واثِلةَ: [أن نافعَ بنَ عبد الحارث لقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وكان عمرُ يَسْتَعملُه على مَكَّةَ فقال: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ على أهل الوادي؟ فقال: ابْنَ أَبْزَى؟ قال: وَمَنِ ابْنُ أبزى؟ قال: مَوْلًى مِنْ موالينا. قال: فاسْتَخْلَفْتَ عليهم مَوْلًى! ؟ قال: إنَّهُ قارئٌ لكتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وإنَّهُ عالِمٌ بالفرائض. قال عمر: أما إنَّ نبيَّكم -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ قال: "إنَّ اللَّه يَرْفَعُ بهذا الكتاب أَقْوامًا ويضَعُ به آخرين"] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة بسند صحيح من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: [وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إن