قال ابن جرير: (يقول: قضى اللَّه وخطَّ في أمّ الكتاب، لأغلبنّ أنا ورسلي من حادّني وشاقَّني).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. قال النسفي: (﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ﴾ لا يمتنع عليه ما يريد ﴿عَزِيزٌ﴾ غالب غير مغلوب).
وقوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.
قال قتادة: (لا تجد يا محمد قومًا يؤمنون باللَّه واليوم الآخر، يوادّون من حادّ اللَّه ورسوله: أي من عادى اللَّه ورسوله). قال القرطبي: ﴿يُوَادُّونَ﴾: يحبون ويوالون).
وقوله: ﴿وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾.
أي: لا يوادّ المؤمنون المحادّين للَّه ورسوله ولو كانوا أقرب الأقربين كالآباء والأبناء والإخوان وغيرهم من القرابة والأرحام.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨].
٢ - قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٢٤].
ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج الحاكم والطحاوي بسند رجاله ثقات من حديث حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: [رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يريد غزوًا، أنا ورجل من قومي، ولم نسلم، فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم، قال: أو أسلمتما؟ قلنا: لا، قال: فلا نستعين بالمشركين على المشركين، قال: فأسلمنا، وشهدنا معه، فقتلت رجلًا، وضربني ضربة، وتزوجت بابنته بعد ذلك، فكانت