فقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.
قال النسفي: (فيه تعريض شبيه بالتصريح أن ما عليه فرعون وقومه سبيل الغي).
قال ابن جرير: (يقول: إن اتبعتموني فقبلتم مني ما أقول لكم، بَيَّنْتُ لكم طريق الصواب الذي ترشُدون إذا أخذتم فيه وسلكتموه، وذلك هو دين اللَّه الذي ابتعث به موسى).
وقوله تعالى: ﴿يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾.
قال قتادة: (استقرت الجنة بأهلها، واستقرّت النار بأهلها).
والمقصود: شرع يزهدهم في الدنيا التي عكفوا على محاريبها فصدتهم عن الإيمان، وأخبرهم أن هذه الحياة العاجلة متاع زائل عما قريب، ثم إن الآخرة هي دار الاستقرار لا زوال لها، فإما في نعيم وإما في جحيم.
وقوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
أي: من عمل بمعصية اللَّه في هذه الدنيا ثم غادرها دون توبة فإنما يقابله اللَّه تعالى في الآخرة سيئة مثلها من عقابه. ومن عمل بطاعة اللَّه وتعظيم أمره من رجل أو امرأة مع الإيمان باللَّه فإنما يقابله اللَّه تعالى بالرزق الجميل في جنات النعيم.
وعن قتادة: (﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً﴾ أي: شركًا. ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا﴾ أي خيرًا. ﴿يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ قال: لا واللَّه ما هناكم مكيال ولا ميزان).
وقوله تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾.
قال مجاهد: (﴿مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ﴾ قال: الإيمان باللَّه). وعن ابن زيد: (﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّار﴾ قال: هذا مؤمن آل فرعون، يدعونه إلى دينهم والإقامة معهم).
وقوله تعالى: ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾.
قال القرطبي: (﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّار﴾ بيّن أن ما قال فرعون من قوله: ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ سبيل الغي عاقبته النار وكانوا دعوه إلى اتباعه، ولهذا قال: ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ وهو فرعون).
قال القاسمي: (﴿وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ﴾ أي: الغالب الذي يقهر من عصاه