﴿الْغَفَّارِ﴾ أي الذي يستر ظلمات نفوس مَنْ أطاعه، بأنواره).
وقوله: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾.
قال السدي: (﴿لَا جَرَمَ﴾: حقًا). وقال الضحاك: (لا كذب). وقال ابن عباس: (﴿لَا جَرَمَ﴾، يقول: بلى، إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾). قال مجاهد: (الوثن ليس بشيء). وقال قتادة: (يعني: الوثن لا ينفع ولا يضر). وقال السدي: (لا يجيب داعيه، لا في الدنيا ولا في الآخرة).
قال القرطبي: (وكان فرعون أولًا يدعو الناس إلى عبادة الأصنام، ثم دعاهم إلى عبادة البقر، فكانت تُعبد ما كانت شابة، فإذا هَرِمت أمر بذبحها، ثم دعا بأخرى لتعبد، ثم لما طال عليه الزمان قال أنا ربكم الأعلى).
قلت: فإن توجه الكلام ضد عبادة فرعون فيكون المعنى: حقًا -أيها القوم- إن ما تدعون لعبادته وتعظيمه ليس له دعوة توجب له الألوهية، فهو بشر مثلكم استخف بعقولكم واستعبدكم. قال الكلبي: (ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة). وقال الزجاج: (ليس له دعوة تنفع).
وقوله: ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ﴾. أي: وأن مرجعنا ومنقلبنا بعد مماتنا إلى اللَّه.
وقوله: ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾. قال مجاهد: (السفّاكون الدماء بغير حَقّها هم أصحاب النار). وقال ابن زيد: (سمّاهم اللَّه مسرفين، فرعون ومن معه). وقال قتادة: (أي المشركون).
قال ابن جرير: (-يقول-: وأن المشركين باللَّه المتعدين حدوده، القتلة النفوس التي حرم اللَّه قتلها، هم أصحاب نار جهنم عند مرجعنا إلى اللَّه).
وقوله: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾. تهديد ووعيد. أي: فستذكرون في الآخرة قولي إذا نزل بكم العذاب.
وقوله: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ﴾. أي: أجعل اعتمادي وتوكلي على اللَّه، فإنه الكافي من توكل عليه.
قال السدي: (أجعل أمري إلى اللَّه).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾. أي: إن اللَّه عالم بأمور عباده مطلع على