أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون] (١).
وفي صحيح مسلم -أيضًا- عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي اللَّهُ عَنهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ينادي مُنَادٍ: إنَّ لكم أن تصِحُّوا فلا تسقَمُوا أبدًا، وإن لكم أن تَحْيَوا فلا تموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَشِبُّوا فلا تهرموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا] (٢).
٢١ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: تَصَدُّعُ الجبال خشية للَّه من كلامهِ العظيم، فاللَّهُ تعالى هو الملكُ القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، وهو سبحانهُ الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى العزيز الحكيم.
فقوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبلٍ حملته إياه تصدّع وخشعَ مِنْ ثقلهِ، ومن خشيةِ اللَّه، فأمر اللَّه عز وجل الناس إذا أنزل عليهم القرآن، أن يأخذوه بالخشيةِ الشديدةِ والتخشّع).
وقال قتادة: (يعذر اللَّه الجبل الأصمّ، ولم يعذر شقيّ ابن آدم، هل رأيتم أحدًا قط تصدّعت جوانحهُ من خشية اللَّه).
والمقصود: إذا كان الجبلُ في قسوتهِ وصلابتهِ يتصدعُ لو فهم القرآن، خشية من عظمة الرحمان، فكيفَ لا تلينُ قلوب البشر الذين فهموا مراد اللَّه ووعده ووعيده.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١/ ١١٨)، في أثناء حديث طويل.
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم (٢٨٣٧)، كتاب الجنة ونعيمها، باب في دوام نعيم أهل الجنة.


الصفحة التالية
Icon