ستة أو خمسة أو أربعة -شك الجريري (١) - فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن تدافنوا لدعوت اللَّه أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. قال زيد: ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا باللَّه من عذاب النار، قالوا: نعوذ باللَّه من عذاب النار، فقال: تعوذوا باللَّه من عذاب القبر، قالوا: نعوذ باللَّه من عذاب القبر، قال: تعوذوا باللَّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قالوا: نعوذ باللَّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال: تعوذوا باللَّه من فتنة الدجال، قالوا: نعوذ باللَّه من فتنة الدجال] (٢).
وقوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾.
قال القرطبي: (وآل فرعون: من كان على دينه وعلى مذهبه، وإذا كان من كان على دينه ومذهبه في أشد العذاب كان هو أقرب إلى ذلك).
والمقصود: يأمر اللَّه يوم القيامة ملائكته أن يُدخلوا فرعون ومن كان معه على منهجه أشد العذاب في نار جهنم.
وقوله: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾. أي: يختصمون فيها، والمراد فرعون وقومه.
وقوله: ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ﴾.
أي: فيقول الضعفاء للذين استكبروا عن الانقياد للأنبياء وحجة الوحي والحق: إنا كنا نتبعكم فيما دعوتمونا إليه من الشرك في الدنيا فهل أنتم متحملون عنا اليوم جزءًا من العذاب.
وقوله: ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾.
قال ابن جرير: (﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ وهم الرؤساء المتبوعون على الضلالة في الدنيا إنا أيها القوم وأنتم كلنا في هذه النار مخلدون لا خلاص لنا منها، {إِنَّ
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ١٦٠ - ١٦١)، وأخرجه أحمد (٥/ ١٩٠)، وأخرجه ابن حبان (٧٨٥) بنحو رواية مسلم. وقوله: "تدافنوا" أصله "تتدافنوا" فحذف إحدى التاءين. والمقصود: لولا خشية أن يفضي سماعكم إلى ترك أن يدفن بعضكم بعضًا.