اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} بفصل قضائه، فأسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، فلا نحن مما نحن فيه من البلاء خارجون، ولا هم مما فيه من النعيم منتقلون).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ﴾.
أي: سأل أهل النار الخزنة أن يدعوا لهم ربهم بتخفيف العذاب عنهم ولو مقدار يوم واحد من أيام الدنيا.
وقوله: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى﴾.
أي: فردوا عليهم ألم تقم الحجج عليكم على ألسنة الرسل قالوا بلى.
وقوله: ﴿قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾.
قال ابن كثير: (﴿قَالُوا فَادْعُوا﴾، أي: أنتم لأنفسكم، فنحنُ لا ندعو لكم ولا نسمعُ منكم ولا نَوَدُّ خَلاصَكم، ونحن منكم بُرآءُ، ثم نخبركم أنه سواء دعوتُم أو لم تَدعُوا، لا يُستجاب لكم ولا يُخفف عنكم، ولهذا قالوا: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾، أي: في ذَهاب، لا يُتَقبَّلُ ولا يُستجاب).
٥١ - ٥٦. قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦)﴾.
في هذه الآيات: تقريرُ اللَّه نزول نصره على رسله وعباده المؤمنين في الدنيا وفي الدار الآخرة، يوم لا ينفع الظالمين الاعتذار ولا سبيل لنيل الصفح أو المغفرة. وتسليةُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من أذى قومه بأمره بالصبر والتسبيح كما صبر موسى قبله