واحد، أي: ننصر رسولنا محمدًا والذين آمنوا به في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد - ذكره ابن جرير.
قلت: والأَوْلَى هنا أن يقال: الخبر عام وقد يستثنى بعضهم بالاعتبارات السابقة الذكر.
وقوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾. قال قتادة: (من ملائكة اللَّه وأنبيائه والمؤمنين به). وعن السدي: (﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ قال: يوم القيامة).
قلت: وقد جعل اللَّه أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أمة الشهادة على جميع الأمم، فهي تنتصر للمرسلين حين يكذبهم أقوامهم.
- قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣].
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يجيء نوحٌ وأمته، فيقول اللَّه: هل بَلَّغتَ؟ فيقول: نعم أي ربّ! فيقول لأمته: هل بَلَّغَكُم؟ فيقولون: لا، ما جاء لنا من نبيّ، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ وأمته، وهو قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ والوسط: العدل، فيُدعون، فيشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم] (١).
وله شاهد في المسند وسنن النسائي وابن ماجة من حديث أبي سعيد -كذلك- مرفوعًا بلفظ: [يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيُدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: مَنْ يشهدُ لكَ؟ فيقول: محمدٌ وأمته، فيدعى محمّد وأمته، فيُقال لهم: هل بَلَّغَ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما عِلْمُكُم بذلك؟ فيقولون: جاءنا نبيُّنا، فأخبرنا أن الرسل قد بَلَّغُوا فصدقناه، فذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾].
وقوله: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾. أي: يوم لا يقبل اللَّه من الظالمين عذرًا ولا فدية.