فقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾. قال ابن جرير: (لا ما يعبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تقدر على خلق شيء).
وقوله: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾. أي: في الخلق والعدد. قال قتادة: (خلق سبع سماوات وسبع أرضين، في كل سماء من سمائه وأرض من أرضه خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه).
قلت: وأما تفصيلِ توضع الأرضين السبع فاللَّه أعلم به، وإنما نسلم لقول اللَّه تعالى في هذه الآية ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾، وكذلك لما ثبت في السنة الصحيحة في آفاق ذلك من أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في الصحيح عن سعيد بن زيد قال: سَمِعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [من أخذ شِبْرًا من الأرض بغير حَقِّهِ، طُوِّقَهُ في سَبْع أَرَضين يوم القيامة] (١). وفي لفظ: [من اقتطع شبرًا من الأرض ظُلمًا، طَوَّقه اللَّه إياه يومَ القيامة من سَبْعِ أرضين].
الحديث الثاني: خرّج مسلم -كذلك- عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لايأخُذُ أحدٌ شِبْرًا من الأرض بغير حَقِّهِ، إلا طَوِّقَهُ اللَّه إلى سَبْع أرضين يوم القيامة]. (٢)
الحديث الثالث: أخرج البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في المسند، بسند صحيح من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [إن نبيَّ اللَّه نوحًا -صلى اللَّه عليه وسلم- لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرتك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بـ "لا إله إلا اللَّه"، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت "لا إله إلا اللَّه" في كفة، رجحت بهن "لا إله إلا اللَّه"، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن "لا إله إلا اللَّه". وسبحان اللَّه وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق الخلق. وأنهاك عن الشرك والكبر] (٣).
(٢) حديث صححيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٦١١) - كتاب المساقاة. الباب السابق.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٥٤٨)، وأحمد (٢/ ١٦٩ - ١٧٠). والبيهقي في "الأسماء" (٧٩). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٤).