فقال: لا بأس، شربت عسلًا عند زينب ابنة جحش ولن أعودَ له. فنزلت: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى ﴿إِنْ تَتُوبَا﴾ لعائشة وحفصة ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لقوله: بل شربت عسلًا] (١).
وفي رواية: (قال: ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدًا).
الحديث الثاني: يروي النسائي بسند صحيح عن أنمس رضي اللَّه عنه: [أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حرامًا، فأنزل اللَّه هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ إلى آخر الآية] (٢).
الحديث الثالث: يروي البزَّار في مسنده بإسناد صحيح عن ابن عباس: [﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ قال: نزلت هذه في سُرِّيَتِه] (٣).
وذكر ابن جرير بإسناده من حديث زيد بن أسلم وعُبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عباس: أن الآية نزلت في شأن مارية القبطية أم إبراهيم أصابها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيت حفصة في نوبتها فوجدت حفصة في نفسها في ذلك.
فعن زيد بن أسلم: (أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، فقالت: أي رسول اللَّه في بيتي وعلى فراشي؟ ).
وفي رواية ابن عباس: (قال: ألا ترضين أن أحرِّمها فلا أقربها؟ قالت: بلى. فحرّمها. وقال لها: لا تذكري ذلك لأحد، فذَكرته لعائشة).
ورواه الهيثم بن كليب في مسنده، كما ذكر الحافظ ابن كثير، وقال هذا إسناد صحيح، عن ابن عمر: [قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحفصة: لا تخبري أحدًا وإنّ أم إبراهيم عليَّ حرام. فقالت: أتحرم ما أحَلَّ اللَّه لك؟ قال: فواللَّه لا أقربها. قال: فلم يقربها، حتى
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (٥٢٦٧) - كتاب الطلاق. وكذلك (٦٦٩١).
(٢) حديث صحيح. أخرجه النسائي في السنن (٣٩٥٩)، وفي الكبرى (٢١)، وفي "التفسير" (٦٢٧)، وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٩٣) من طريقين، وهو صحيح، وله شواهد.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البزار (٢٢٧٤)، (٢٢٧٥) "كشف"، ورواه الطبراني -حديث رقم- (١١١٣٠) وإسناده صحيح. وقال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٢٦): رجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم، وهو ثقة.