كما حُبِّبَ لبني آدم أكل الطعام والشراب. ﴿شِدَادٌ﴾ أي: شداد الأبدان. وقيل: غِلاظ الأقوال شداد الأفعال. وقيل: غِلاظ في أخذهم أهل النار شداد عليهم). وقيل: ﴿غِلَاظٌ شِدَادٌ﴾ أي: طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين باللَّه ﴿شِدَادٌ﴾ في تركيبهم ومنظرهم المزعج الرهيب.
وقوله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾. أي: لا يخالفون اللَّه في أمره من زيادة أو نقصان، ولا يتأخرون عن فعل ما يأمرهم طرفة عين، بل يبادرون إلى الامتثال وتنفيذ الأمر بإتقان.
وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
أي: يقال للكفار يوم القيامة: إنه لا ينفعكم عذر اليوم فلا تعتذروا، إنما توفون جزاء أعمالكم التي كنتم تعملونها في الدنيا. قال ابن جرير: (فلا تطلبوا المعاذير منها). وقال القرطبي: (﴿لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ﴾ فإن عذركم لا ينفع. وهذا النّهي لتحقيق اليأس).
وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾. إرشاد من اللَّه تعالى عباده المؤمنين للمبادرة إلى التوبة الصادقة قبل فوات الأوان.
يروي ابن جرير بسنده عن سماك، عن النعمان بن بشير، قال: سُئِلَ عمر عن التوبة النصوح، قال: (التوبة النصوح: أن يتوب الرجل من العمل السَّيِئ، ثم لا يعود إليه أبدًا). وقال ابن عباس: (﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ أن لا يعود صاحبها لذلك الذنب الذي يتوب منه، ويقال: توبته أن لا يرجع إلى ذنب تركه). وقال قتادة: (هي الصادقة الناصحة). وقال ابن زيد: (التوبة النصوح الصادقة، يعلم أنها صدق ندامة على خطيئته، وحبّ الرجوع إلى طاعته، فهذا النصوح).
وعن الحسن: (التوبة النصوح: أن تُبْغِضَ الذنب كما أحببتَه، وتستغفِرَ منه إذا ذكرته).
قلت: وشروط التوبة النصوح كما أحب تصنيفها خمسة:
أولًا: أن يكف عن الآثام وينقلع عن المحرمات.
ثانيًا: أن يندم على ما فرط باجتراح السيئات.
ثالثًا: أن يعقد العزم ألا يعود إلى السقوط في هذه الآثام والزلات.
رابعًا: أن يؤدي الحقوق إلى أصحابها وكذلك الأمانات.