وكانت امرأة لوط تَدُلّ على الضيف). أو قال: (أما امرأة نوح فكانت تُخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تَدُلُّ قومها على أضيافِه).
وقال العوفي، عن ابن عباس قال: (كانت خيانتُهما أنهما كانتا على غير دينهما، فكانت امرأة نوح تَطّلِعُ على سِرِّ نوح، فإذا آمن معَ نوحٍ أحدٌ أخبرت الجبابرة من قوم نُوح به، وأما امرأة لوطٍ فكانت إذا أضافَ لوطٌ أحدًا أخبرت به أهلَ المدينة ممن يعمل السوء).
وقوله: ﴿فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾. أي فما نفع هاتين المرأتين إذ عصتا اللَّه أن أزواجهما أنبياء. قال قادة: (هاتان زوجتا نَبِيَّي اللَّه، لما عصتا ربهما لم يغن أزواجهما عنهما من اللَّه شيئًا). وقال: (يقول اللَّه: لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئًا، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون).
وقوله: ﴿وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾. قال ابن جرير: (قال اللَّه لهما يوم القيامة: ادخلا أيتها المرأتان نار جهنم مع الداخلين فيها).
١١ - ١٢. قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)﴾.
في هذه الآيات: ذِكْرُ الصورة المقابلة من المثل، فالذين آمنوا لا يضرهم مخالطةُ الكافرين إن ضاق الأمر عليهم أو حوصروا أو كانوا محتاجين إليهم، فإن اللَّه تعالى قضى أن لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن لكل نفس ما كسبت، وامرأة فرعون خير مثل في ذلك للمؤمنين، وكذلك مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها وصبرت على أمر ربها وكانت من القانتين.
فقوله: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ﴾. قال قتادة: (كان فرعون أغنى أهلِ الأرض وأكفره، فواللَّه ما ضَرَّ امرأته كُفْر زَوجها حين أطاعت رَبَّها لِتَعلموا أن اللَّه تعالى حَكَمٌ عدل، لا يؤاخذ أحدًا إلا بذنبه).
وقوله: ﴿إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾. قال العلماء: اختارت الجار قبل الدار. قال النسفي: (فكأنها أرادت الدرجة العالية لأنه تعالى منزه عن المكان، فعبرت


الصفحة التالية
Icon