وأرسلت علينا الشهب. قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث، فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء. قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر. فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء] (١).
فهؤلاء الشياطين ما عادوا يَحْظَون اليوم بخبر كامل من السماء كما كانوا قبل بعثة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فربما استرقوا جزءًا من الخبر لا تكتمل معه قصة أو خبر قبل أن تحرقهم الشهب وتقطع عليهم السبيل.
قال شيخ الإسلام: (وقد أخبر سبحانه في كتابه من منافع النجوم، فإنه يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وأخبر أنها زينة للسماء الدنيا، وأخبر أن الشياطين تُرجم بالنجوم).
قلت: وأما ما يربط به المنجمون بعض ما يحدث في الدنيا في حياة الناس من موتِ أحد مشاهيرهم، أو ولادة مولود لبعضهم، أو مما ينتظر بعضهم من أماني وأحلام في المستقبل يزعمون أن الأفلاك توجبه، فكل ذلك من الكذب على اللَّه بغير علم.
قال محمد بن كعب: (واللَّه ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم، ولكنهم يتخذون الكهانة سبيلًا ويتخذون النجوم علة).
وقوله: ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾. أي: وأعتدنا لهؤلاء الشياطين أشدّ الحريق مقابل ما تعاطوا به من السحر والكفر والكذب على اللَّه ورسله.
٦ - ١١. قوله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٢١) - كتاب التفسير. ورواه مسلم والترمذي وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon