كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١)}.
في هذه الآيات: إعدادُ اللَّه نار جهنم ليعذب بها الكافرين، الذين كذبوا الرسل وعاندوا الوحي الكريم، ليذوقوا الخزي والندامة والألم في مستقرهم في الجحيم.
فقوله: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾. أي أَعَدَّ اللَّه لكل من كفر به من الشياطين وغيرهم عذاب النار في الآخرة.
وقوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. أي: وبئس المرجع والمآل والمستقر والمنقلب.
وقوله: ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا﴾. قال ابن جريج: (يعني الصياح). وقوله: ﴿وَهِيَ تَفُورُ﴾. قال مجاهد: (يقول: تغلي كما يغلي القِدْر). وقوله: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾. قال ابن عباس: (تكاد يفارق بعضها بعضًا وتنفطر). وقال: (يقول: تتفرّق). قال ابن زيد: (التميز: التفرّق من الغيظ على أهل معاصي اللَّه غضبًا للَّه، وانتقامًا له). والمقصود: تكاد جهنم ينفصل بعضها من بعض، مِنْ شدّة غيظها على أهلها وحنقها بهم.
وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾.
أي: كلما ألقي فيها جماعة من الكفار سألهم خزنة جهنم -على جهة التوبيخ والتقريع-: ألم يأتكم رسول في الدنيا ينذركم لقاء يومكم هذا ويحذركم مآسيه؟ ! فأجابوا: ﴿بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ حذرنا وأنذرنا فقابلناه بالتكذيب وقلنا: ﴿مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي على ألسنتكم معشر الرسل ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ أي: في ذهاب عن الحق بعيد.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: ٧١].
وفي صحيح مسلم عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ليسَ أحَدٌ