وقوله: ﴿أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾. أي كما خسف بقارون. ﴿فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ أي: تضطرب وتتحرك. والمَوْر: الاضطر اب بالذهاب والمجيء.
وقوله: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ -وهو اللَّه- ﴿أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾. قال ابن جرير: (وهو التراب فيه الحصباء الصغار). وقال القرطبي: (أي حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل. وقيل: ريحٌ فيها حجارة وحَصْباء. وقيل: سحاب فيه حجارة).
وقوله: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾. أي: فستعلمون كيف يكون إنذاري وعاقبة من كذّب به. قال النسفي: (أي إذا رأيتم المنذر به علمتم كيف إنذاري حين لا ينفعكم العلم).
وقوله: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. أي: ولقد كذب -يا محمد- الذين من قبل هؤلاء المشركين من قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية رسلهم.
وقوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾. قال ابن كثير: (أي: فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟ أي: عظيمًا شديدًا أليمًا).
وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾. قال مجاهد: (بَسْطُهُنَّ أجنحتهنَّ وقبضهنّ). وقال قتادة: (﴿صَافَّاتٍ﴾: الطير يصف جناحه كما رأيت، ثم يقبضه). والمقصود: أولم ينظر هؤلاء القوم نظرة تأمل في جماعات الطير، تارة يَصْفُفْنَ أجنحتهنَّ في الهواء، وتارة تجمع جناحًا وتنشر جناحًا.
وقوله: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ﴾. أي: ما يمسك الطير في الجو فوقكم إلا الرحمن، بما سخّر لهن من الهواء، وبما دبّرَ لهن من بنية يتأتى منها الجري في الجوّ. كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٧٩].
وقوله: ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾. قال القاشاني: (أي فيعطيه ما يليق به، ويُسَوِّيه بحسب مشيئته، ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته، ثم يهديه إليه بتوفيقه). وقال ابن جرير: (يقول: فلهم بذلك مذكر إن ذكروا، ومعتبر إن اعتبروا، يعلمون به أن ربهم واحد لا شريك له ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ يقول: إن اللَّه بكل شيء ذو بصر وخبرة، لا يدخل تدبيره خلل، ولا يُرى في خلقه تفاوت).