وقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
مثل ضربه اللَّه للمؤمن والكافر، فالكافر يمضي في ضلاله وتخبطه كالمنكِّس رأسه لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله، فهو لا يأمن من العثور والانكباب على وجهه، وأما المؤمن فهو يمضي في طريقه مطمئنًا يستضيء بنور إيمانه ويقينه، فهو كالذي يمشي سويًا معتدلًا ناظرًا ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، يبصر العقبات ويحذر العثرات.
وقوله: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ﴾. أي خلقكم ابتداء. قال القرطبي: (أمر نبيه أن يعرّفهم قبح شركهم مع اعترافهم بأن اللَّه خلقهم).
وقوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾. قال النسفي: (خصّها لأنها آلات العلم). فالسمع تسمعون به، والأبصار تبصرون بها، والأفئدة تعقلون بها.
وقوله: ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾. قال القاسمي: (أي باستعمالها فيما خلقت له).
وقوله: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾. قال ابن عباس: (أي خلقكم في الأرض). وقال ابن شجرة: (نشركم فيها وفرّقكم على ظهرها).
وقوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾. أي: وإليه تجمعون من قبوركم لمشهد الحساب ونيل الثواب والعقاب.
وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. استهزاء من المشركين بيوم المعاد. أي يقولون: متى يوم القيامة! ومتى هذا العذاب الذي تعِدوننا به إن كنتم صادقين في وعدكم! أعلمونا زمانه وميعاده؟ !
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾.
أي: قل لهم يا محمد: إن وقت قيام الساعة موكول أمره وعلمه إلى اللَّه، فلا يشاركه في علمه غيره، وإنما أنا ﴿نَذِيرٌ﴾ أي: مخوِّف ومعلم لكم، ﴿مُبِينٌ﴾: أبيّن لكم الشرائع.
وقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾. أي قريبًا. فهو مصدر بمعنى مُزْدَلَفًا. قال مجاهد: (﴿زُلْفَةً﴾: قد اقترب). وقال الحسن: (لما عاينوه).
وقوله: ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال قتادة: (لما رأوا عذاب اللَّه زلفة، يقول: سيئت وجوههم حين عاينوا من عذاب اللَّه وخزيه ما عاينوا). وقال ابن زيد: (الزلفة حاضر قد حضرهم عذاب اللَّه عزّ وجل).