وفي التنزيل: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الزمر: ٤٧ - ٤٨].
وقوله: ﴿وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾. قال ابن زيد: (استعجالهم العذاب). أي: يقال لهم حينئذ على وجه التقريع والتوبيخ: هذا الذي كنتم تكذبون وتدّعون من أجله الأباطيل والأحاديث، هذا هو العذاب الذي كنتم به تذكرون ربكم أن يعجله لكم وتتمايلون مستهزئين.
٢٨ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)﴾.
في هذه الآيات: إثباتُ مرجع الأمر كله للَّه العلي العظيم، فهو الرحمان عليه يتوكل المؤمنون وسيعلم الكفار أنهم أهل الضلال المبين. مَنْ يأتيكم أيها الناس بالماء إن غار في أرضكم سوى اللَّه الحكيم الكريم!
فقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا﴾. أي: قل يا محمد للمشركين من قومك أرأيتم أيها الناس إن أماتني اللَّه وأصحابي أو أخّر آجالنا.
وقوله: ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. قال ابن كثير: (أي خَلِّصوا أنفسكم، فإنه لا مُنْقِذَ لكم من اللَّه إلا التوبةُ والإنابةُ، والرجوعُ إلى دينه، ولا ينفعكم وقوعُ ما تتمنون لنا من العذاب والنكال، فسواء عذبنا اللَّه أو رحِمنا، فلا مناصَ لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم).
وقوله: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾. قال النسفيّ: (أي الذي أدعوكم إليه الرحمان ﴿آمَنَّا بِهِ﴾ صدقنا به ولم نكفر به كما كفرتم ﴿وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ فوضنا إليه أمورنا).
وقوله: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. أي: فستعلمون معشر المشركين إذا نزل العذاب بكم ﴿مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ نحن أم أنتم، وسترون لمن تكون العاقبة في الدارين.
وقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾. الغائر: الذاهب في الأرض وهو ضد النابع. أي: قل يا محمد -يا معشر قريش- ماذا لو غار ماء آباركم وينابيعكم فذهب في الأرض