بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٧. قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧)﴾.
في هذه الآيات: قَسَمٌ من اللَّه تعالى بالقلم يؤكد النبوة لنبيه الكريم، ويثبت له الخُلق العظيم، ويتوعد المنافقين والكافرين، واللَّه تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
فقوله: ﴿ن﴾ - كقوله في أوائل السور المتقدمة التي تبدأ بمثل هذه الحروف المقطعة، والراجح أن المراد الإعجاز، أي: هذا القرآن مكون من مثل هذه الأحرف، والخلق عاجزون عن معارضته بمثله.
وقوله: ﴿وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾. قسم من اللَّه تعالى بالقلم، والمراد جنس القلم الذي يُكتب به، كما قال جل ثناؤه: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)﴾ [العلق: ٣ - ٥].
أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح من حديث عبادة مرفوعًا: [إن أوَّلَ ما خلق اللَّه القلم، ثم قال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة] (١).
وفي رواية: [إن أول ما خلق اللَّه القلم، فقال له: اكتب، قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر وما هو كائن إلى الأبد]. وفي لفظ آخر: (اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).
وعن ابن عباس: (﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾: يعني وما يكتبون). وقال أيضًا: (وما يَعْملون).
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٣١٧)، والترمذي في التفسير (٢/ ٢٣٢)، وانظر تخريج أحاديث "مشكاة المصابيح" (٩٤).


الصفحة التالية
Icon