النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُق حسن، وإن اللَّه تعالى لَيُبْغِضُ الفاحش البذيء] (١).
الحديث السابع: أخرج الترمذي بإسناد حسن من حديث جابر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ مِن أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا -قال- وإنّ أبغضكم إليّ وأبعدَكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والمُتَشَدِّقون والمُتَفَيْهِقون. قالوا: يا رسول اللَّه، قد عَلِمنا الثرثارون والمتشدّقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون] (٢).
والمتشدقون: المتوسعون في الكلام من غير احتياط واحتراز. وقيل: أراد بالمتشدق: المستهزئ بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم.
وقوله تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾. قال الضحاك: (يقول: ترى ويرون). وقال ابن عباس: (ستعلم ويعلمون يوم القيامة). قال النسفي: (أي عن قريب ترى ويرون، وهذا وعد له ووعيد لهم).
وقوله تعالى: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾. أي: بأيكم الجنون. أهو في فريق الإيمان أم في فريق الكفر. قال مجاهد: (﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾: بأيكم المجنون). وقال قتادة: (بأيكم أولى الشيطان). والمقصود: ستعلم يا محمد ويعلم مخالفوك ومكذبوك قريبًا من المفتون الذي افتُتِنَ عن الحق وضل عن سواء السبيل، فهو متبوع للشيطان وأولى أن يوصف بالجنون.
وفي التنزيل: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ [القمر: ٢٦].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
أي: إن ربك -يا محمد- هو أعلم بمن ضل عن طريق الحق الذي أمر به، وهو أعلم بمن اهتدى إليه وإلى منهاج النجاة والسعادة في الدارين.
٨ - ١٦. قوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ
(٢) إسناده حسن. أخرجه الترمذي في السنن (٢٠١٨)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ٦٣).