زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)}.
في هذه الآيات: دعوة من اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى إقامة منهج الولاء والبراء، والتحذير من اتباع سبيل الأعداء.
فلقد عرض المشركون على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يترك بعض ما هو عليه مقابل أن يتركوا بعض ما هم عليه، وأن يعبد آلهتهم عامًا ويعبدوا ربَّه عامًا، فقالوا له كما يروي ابن هشام: (لو قبلت آلهتنا نعبد إلهك). فأنزل اللَّه: ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾.
وقوله: ﴿تُدْهِنُ﴾ من الدُّهن، فشبه سبحانه التليين في القول بتليين الدُّهن.
قال ابن عباس: (ودّوا لو تكفر فيكفرون). وفي رواية: (لو ترخّص لهم فيرخّصون). وقال مجاهد: (لو تَركَن إلى آلهتهم، وتترك ما أنت عليه من الحق فيمالئونك). وقال قتادة: (ودُّوا يا محمد لو أدهنت عن هذا الأمر، فأدهنوا معك).
والآية تشبه قوله سبحانه في سورة الإسراء: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾.
وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويطعن فيه، فوصفه اللَّه بتسع صفات ذميمة في القرآن، فقال جل ذكره: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ﴾.
قال ابن عباس: (والمهين: الكذاب). وقال مجاهد: (مهين: ضعيف). وقال قتادة: (وهو المكثار في الشر). وقال الحسن: (كل مكثار في الحلف مهين ضعيف).
وقوله: ﴿هَمَّازٍ﴾. قال ابن عباس: (يعني الاغتياب). وقال قتادة: (يأكل لحوم المسلمين).
وقوله: ﴿مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾. قال ابن عباس: (يمشي بالكذب). وقال قتادة: (ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض).
وقوله: ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْر﴾. أي بخيل بالمال والإنفاق والعطاء. ﴿مُعْتَدٍ﴾ على الناس ﴿أَثِيمٍ﴾ ذي إثم بربه، فهو بخيل بالبذل وبالعمل، كثير الفواحش والآثام، متطاول على حقوق الناس.