كان عالمًا بالقيامة ولكن بالصفة. فقيل تفخيمًا لشأنها: وما أدراك ما هي؟ كأنك لستَ تعلمها إذ لم تعاينها).
وقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾. القارعة: اسم من أسماء القيامة. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح، وعاد قوم هود بالساعة التي تقرع قلوب العباد فيها بهجومها عليهم).
وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾. قال قتادة: (الطاغية الصيحة). وقال مجاهد: (الطاغية الذنوب). وقال ابن زيد: (إنها طغيان، وقرأ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾ [الشمس: ١١]). وقال السدي: (﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾: يعني عاقر الناقة).
قلت: والراجح أنها الصيحة التي زلزلتهم، وأسكنتهم وأهمدتهم. يدل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾. فدل أن المراد أسلوب الهلاك.
قال ابن عباس: (قوله: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ يقول: بريح مهلكة باردة، عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، دائمة لا تَفْتُر). وقال قتادة: (والصرصر الباردة، عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم). وقال الثوري: (﴿عَاتِيَةٍ﴾ أي: شديدة الهبوب).
وقوله: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾. أي: سَلَّطها عليهم سبع ليال وثمانية أيام كوامل متتابعات مشائيم. قال ابن عباس: (﴿حُسُومًا﴾: تباعًا). وقال مجاهد: (متتابعة). وقال قتادة: (متتابعة ليس لها فترة).
وعن سفيان: (﴿أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ قال: متتابعة، و ﴿أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ [فصلت: ١٦] قال: مشائيم). وقال ابن زيد: (﴿حُسُومًا﴾ حسمتهم لم تُبْقِ منهم أحدًا).
وقوله: ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾. قال ابن عباس: (خَرِبة).
أي: فترى -يا محمد- قوم عاد بعد الرياح العاتية التي سُلطت عليهم كأنهم أصول نخل قد خوت. وقال أبو الطفيل: (﴿خَاوِيَةٍ﴾ أي بالية). وقيل: (خاوية: ساقطة).
قال القاسمي: (أي ساقطة مجتثة من أصولها كآية: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠]). قال القرطبي: (يحتمل أنهم شُبِّهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عِظَم أجسامهم. ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع، أي