وقوله: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾. أي: على ما استدقّ من السماء ينظرون إلى أهل الأرض. قال ابن عباس: (يقول: والملك على حافات السماء حين تشقق). وقال قتادة: (على نواحيها). وقال سعيد بن المسيب: (الأرجاء حافات السماء).
وقوله: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾. أي: ويحمل عرش الرحمن يوم القيامة ثمانية من الملائكة العظام.
أخرج الطبراني بسند جيد عن أنس رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثَ عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنيه وعاتِقه خفقان الطير سبع مئة عام، يقول ذلك الملك: سبحانك حيث كنت] (١).
وأخرج أبو داود بسند صحيح من حديث جابر بن عبد اللَّه: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة اللَّه تعالى حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مئة سنة] (٢).
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
أي: يومئذ تعرضون على ربكم للحساب والجزاء، لا تخفى منكم سريرة وحال كانت تخفى في الدنيا بستر اللَّه. قال النسفي: (﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ للحساب والسؤال، شُبِّهَ ذلك بعرض السلطان العسكر لتعرّف أحواله).
وقد قال ابن أبي الدنيا: أخبرنا إسحاق بن إسماعيل، أخبرنا سفيانُ بن عُيينة، عن جعفر بن بُرْقان، عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحَاسَبُوا، وزِنوا أنْفُسَكم قبل أن توزَنوا، فإنه أخفُّ عليكم في الحساب غدًا أن تُحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزّينوا للعرض الأكبر: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾).
١٩ - ٢٤. قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣)

(١) حديث صحيح. أخرجه الطبراني بسند جيد من حديث أنس. انظر صحيح الجامع الصغير (٨٦٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٧٢٧). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥١).


الصفحة التالية
Icon