كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)}.
في هذه الآيات: وَصْفُ الفرحة العظيمة لمن استقبل كتابه بيمينه يوم الدين، فهو في عيشة ناعمة في الملذات في جنات النعيم.
فقوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾. فيه بدء تفصيل العرض. وإعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة.
وقوله: ﴿فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾. قال القرطبي: (أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورًا بنجاته، لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح، والشِّمال من دلائل الغَمّ).
وعن ابن زيد: (﴿هَاؤُمُ﴾ أي: تعالوا). وقال مقاتل: (هُلُمَّ). وقيل: أي خذوا، ومنه الخبر في الربا "إلا هاءَ وهاءَ" أي يقول كل واحد لصاحبه: خذ. قال القتيبي: (والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف). وقال ابن السِّكيت والكسائي: (العرب تقول هاءَ يا رجل اقرأ، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وهاؤم يا رجال، وللمرأة هاءِ وهاؤما وهاؤمْنَ).
وأما الهاء في قوله: ﴿كِتَابِيَهْ﴾ فهي للسكت، لا ضمير غيبة.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ قال ابن عباس: (يقول: أيقنت).
وقال قتادة: (ظن ظنًا يقينًا، فنفعه اللَّه بظنه). والمعنى: إني علمت أني ملاق جزائي وتكريمي يوم القيامة فأعددت له عدته من الإيمان والعمل الصالح.
وقوله تعالى: (﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾. قال الفراء: (﴿رَاضِيَةٍ﴾ أي مرضية).
وقيل: ذات رِضًا، أي يرضى بها صاحبها.
والمقصود: فهو في عيش هنيء يرضاه لا ينغصه مكروه.
وقوله تعالى: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾. قال ابن جرير: (يقول: في بستان عال رفيع).
وقال النسفي: (﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ رفيعة المكان أو رفيعة الدرجات أو رفيعة المباني والقصور، وهو خبر بعد خبر). والمعنى: في جنة عظيمة في النفوس، فوق الطموح والآمال في رفعتها ودرجاتها وقصورها ونعيمها وملاذها.
وقوله تعالى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾. أي ثمارها قريبة متناولة، ينالها راغبها وهو على حاله من القيام أو القعود أو الاضطجاع. قال قتادة: (دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعد