وقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾. أي: فليس له اليوم قريب تأخذه الحمية له كما كان له في الدنيا مما يأنس به عند النائبات والشدائد.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾. قال ابن عباس: (صديد أهل النار). أو قال: (ما يخرج من لحومهم). وقال قتادة: (شر الطعام وأخبثه وأبشعه). قلت: والغِسْلين فِعْلين من الغَسل، والمقصود: من غسالة أبدان أهل النار وصديدهم. وقوله تعالى: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾. أي: الآثمون، أصحاب الإصرار على الخطايا والآثام.
قال ابن جرير: (يقول: لا يأكل الطعام الذي من غسلين إلا الخاطئون، وهم المذنبون الذين ذنوبهم كفر باللَّه).
٣٨ - ٤٣. قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣)﴾.
في هذه الآيات: تأكيدُ الوحي والنبوة بإقسام اللَّه تعالى بعالمي الغيب والشهادة، فهو الكتاب الحق كلام اللَّه تعالى الذي تفرد إليه العبادة.
فقوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾. أي: ما الأمر كما تكذبون معشر المشركين. بل أقسم بجميع الأشياء مما ترون ومما لا ترون أن هذا القرآن قول الرسول الكريم، أوحاه إليه رب العالمين. قال ابن زيد: (﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾ قال: أقسم بالأشياء، حتى أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾. قال النسفي: (﴿إِنَّهُ﴾ أي إن القرآن ﴿لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ أي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أو جبريل عليه السلام، أي يقوله ويتكلم به على وجه الرسالة من عند اللَّه).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. أي: وما هذا القرآن بقول شاعر، فمحمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يحسن قيل الشعر. قال قتادة: (طهّره اللَّه من ذلك وعصمه). إنكم قليلًا ما تصدقون أنتم -معشر المشركين من قريش- بما ظهر صدقه وبيانه، ووضح برهانه، ظلمًا وعنادًا وعتوًا.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. قال قتادة: (طهّره من الكهانة،


الصفحة التالية
Icon