ذلك سبيلًا، فإن ﴿لَظَى﴾ -وهي جهنم- له بالمرصاد.
قال القرطبي: (﴿كَلَّا﴾: تكون بمعنى حقًا، وبمعنى لا. وهي هنا تحتمل الأمرين، فإذا كانت بمعنى حقًا كان تمام الكلام ﴿يُنْجِيهِ﴾. وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها، أي ليس ينجيه من عذاب اللَّه الافتداء ثم قال: ﴿إِنَّهَا لَظَى﴾ أي هي جهنم، أي تتلظّى نيرانها).
و﴿لَظَى﴾ اسم من أسماء جهنم، واشتقاق ﴿لَظَى﴾ من التلظِّي. والتِظاءُ النار التهابها، وتلظيها تَلَهُّبُها، كما قال تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤] أي تتلهب.
وقوله تعالى: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾. قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع، وعاصم -في رواية أبي بكر عنه- "نَزَّاعَةٌ" بالرفع. وقرأها عاصم في رواية أبي عمرو عنه ﴿نَزَّاعَةً﴾ بالنصب. فبالرفع هي خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هي"، أو خبر آخر لإن، أو بدل من لظى. وبالنصب تكون حالًا مؤكدة، أو تُنْصَبُ على معنى أنها تتلظى نزاعة، أي في حال نزعها للشّوى. وقيل غير ذلك.
والشّوى في لغة العرب: جمع شواة وهي جلدة الرأس. والشّوى: اليدان والرجلان والرأس من الآدميين، وكل ما ليس مقتلًا. يقال: رماه فأشواه إذا لم يصب المقتل.
وعن ابن عباس: (﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ قال: تنزع أم الرأس). وفي رواية: (يعني الجلود والهام). وقال مجاهد: (﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ قال: لجلود الرأس). وقال أبو صالح: (نزاعة للحم الساقين). وقال قتادة: (أي نزاعة لهامته ومكارم خلْقه وأطرافه). وقال الضحاك: (تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئًا). وقال ابن زيد: (الشوى: الآراب العظام).
فقوله تعالى: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾. قال مجاهد: (عن الحق). وقال قتادة: (﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ﴾ عن طاعة اللَّه ﴿وَتَوَلى﴾ قال: عن كتابه، وعن حقه). وقال ابن زيد: (ليس لها سلطان إلا على هوانِ مَنْ كفرَ وتولى وأدبر عن اللَّه، فأما من آمن باللَّه ورسوله، فليس لها عليه سلطان). قال ابن كثير: (أي: تَدْعُو النارُ إليها أبناءها الذين خلقهم اللَّه لها، وقَدَّر لهم أنَّهم في الدار الدنيا يعملون عملها، فتدعوهم يوم القيامة بلسانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ، ثم تَلْتَقِطُهم من بين أهل المحشر كما يَلْتَقِطُ الطيرُ الحبَّ، وذلك أنهم كما قال اللَّه -عزَّ وجلَّ- كانوا ممن ﴿أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾، أي: كَذَّب بقلبه، وتركَ العملَ بجوارِحه).
وقوله تعالى: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾. قال مجاهد: (جمع المال). وقال قتادة: (كان