جَموعًا قمومًا للخبيث). قال ابن جرير: (يقول: وجمع مالًا فجعله في وعاء، ومنع حق اللَّه منه، فلم يزكّ ولم ينفق فيما أوجب اللَّه عليه إنفاقه فيه).
١٩ - ٣٥. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥)﴾.
في هذه الآيات: إخبارٌ من اللَّه تعالى عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الصفات والأخلاق الدنيئة الواجب مدافعتها، وثناءٌ على المصلين المزكين المشفقين من عذاب اللَّه الحافظين فروجهم والموفون بعهودهم والمؤدون الأمانات إلى أهلها، ووعد لهم مع البشرى بدخول الجنان والاستقرار في روضاتها.
فقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾. الهلع: شدة الجزع مع شدة الحرص والضجر. والهلوع: الجزوع الحريص. قال سعيد بن جبير: (﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ قال: شحيحًا جزوعًا). وقال عكرمة: (ضجُورًا). وقال الضحاك: (﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ﴾ يعني الكافر ﴿خُلِقَ هَلُوعًا﴾ يقول: هو بخيل منوع للخير، جزُوع إذا نزل به البلاء، فهذا الهلوع). وقال شعبة: (الهلوع: الحريص).
أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [شرُّ ما في رجلٍ شحٌّ هالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ] (١).
وقوله تعالى: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾. تفسير لآفاق ذلك الهلع: قال ابن كثير: (أي: