إذا أصابه الضُّرُّ فَزِع وجَزِع وانخلعَ قلبُهُ من شدة الرُّعب، وأيِسَ أن يحصلَ له بعد ذلك خير).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾. قال النسفي: (وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس، وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقه شرعه. والشر: الضر والفقر. والخير: السعة والغنى. (أو المرض والصحة)).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ما مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العبادُ فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدُهما: اللهمَّ! أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم! أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا] (١).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾. قال القرطبي: (دلّ على أن ما قبله في الكفار، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [العصر: ٢، ٣]). وقال ابن كثير: (أي: الإنسان من حيثُ هو مُتَّصِفٌ بصفات الذم إلا من عصمه اللَّه ووفَّقَه، وهداه إلى الخير ويَسَّرَ له أسبابه، وهم المصلون).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾. يشمل في مفهومه المحافظة على أوقاتها وأركانها وواجباتها، وسكونها وخشوعها جزء من ذلك.
وعن إبراهيم النخعي: (﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ قال: الصلوات الخمس). أو قال: (المكتوبة).
وعن ابن مسعود قال: (الذين يصلونها لوقتها، فأما تركها فكفر). وقال عقبة بن عامر: (هم الذين إذا صلوا لم يلتفِتوا خلفهم، ولا عن أيمانهم، ولا عن شمائلهم).
رواه بسنده ابن جرير. كما روى عن قتادة قوله: (ذُكر لنا أن دانيال نعت أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا، أو عاد ما أُرسلت عليهم الريح العقيم، أو ثمود ما أخذتهم الصيحة، فعليكم بالصلاة فإنها خُلُقٌ للمؤمنين حسن).
وقال ابن جريج والحسن: (هم الذين يكثرون فعل التطوع منها).
وقيل: المراد بالدوام السكون والخشوع، ومنه الماء الدائم، أي: الساكن الراكد.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٠١٠)، كتاب الزكاة، باب في المنفق والممسك.


الصفحة التالية
Icon