والموبقات، كلا فإن مآلهم إلى نار الجحيم والحميم والدركات.
فقوله تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾. قال قتادة: (عامدين). وقال ابن زيد: (المهطع: الذي لا يطرف. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: معناه: مسرعين).
وعن الحسن: (﴿مُهْطِعِينَ﴾ قال: منطلقين). والمعنى: فمال هؤلاء الكفار من قومك -يا محمد- مسرعين نافرين منك وهم مشاهدون لما أيدك اللَّه به من الآيات والمعجزات. كما قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ [المدثر: ٤٩ - ٥١].
وقوله تعالى: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾. أي متفرقين، واحِدها عِزَةٌ.
قال ابن عباس: (﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ قال: قَبِلك ينظرون، ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾. قال: العزِين: العُصَبُ من الناس، عن يمين وشمال مُعرِضين يستهزئون به). وعن الحسن: (﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ متفرقين، يأخذون يمينًا وشمالًا يقولون: ما قال هذا الرجل؟ ). وقال قتادة: (﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ أي: فِرَقًا حول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَرغبون في كتاب اللَّه، ولا في نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة: [أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجَ عليهم وهم حِلَقٌ، فقال: "ما لي أراكُم عِزينَ؟ "] (١).
وقوله تعالى: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا﴾. قال ابن كثير (أي: أيطَمعُ هؤلاء، والحالةُ هذه من فرارهم عن الرسول ونِفَارهم عن الحق أن يدخلوا جناتِ النعيم؟ بل مأواهم نارُ الجحيم).
وقوله: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾. قال قتادة: (إنما خُلِقْتَ من قَذرٍ يا ابن آدم، فاتق اللَّه). قال ابن جرير: (يقول جلّ وعزّ: إنا خلقناهم من منيّ قذر، وإنما يستوجب دخول الجنة من يستوجبه منهم بالطاعة، لا بأنه مخلوق، فكيف يطمعون في دخول الجنة وهم عصاة كفرة).