وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ [المرسلات: ٢٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: ٥ - ١٠].
ومن كنوز صحيح السنة حديث رائع في ذكر هذه الآيات موضع التفسير:
فقد أخرج الحاكم في المستدرك، وأحمد في المسند، وابن ماجة مختصرًا، بإسناد صحيح -واللفظ للحاكم- عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش القرشي قال: [تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الآية: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾، ثم بزق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على كفّه فقال: يقول اللَّه: يا ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سَوَّيْتُكَ وعدَّلتك مشيت بين بردتين وللأرض منك وئيد -يعني شكوى- فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟ ! ] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾.
قال القرطبي: (﴿فَلَا أُقْسِمُ﴾ أي أقسم. و"لا" صلة. ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ هي مشارق الشمس ومغاربها. ﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ يقول: نقدر على إهلاكهم والذهاب بهم، والمجيء بخير منهم في الفضل والطوع والمال. ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر نريده).
وقوله تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾. تهديد ووعيد.
أي: فاتركهم -يا محمد- يخوضوا في باطلهم ولهوهم وغرورهم، وانشغل أنت بما أمرت به من البلاغ وإقامة الدين الحق، فإن لهم يومًا يحاصرهم فيه العذاب ويدفعون ثمن الكبر والاستهتار غاليًا.
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾.