٢١ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (٢١) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: بثُّ نوحٍ -عليه السلام- الشكوى إلى اللَّه العظيم، عما يلقاه من عصيان قومه واتباعهم الهوى وتعظيم الأصنام وما يملي لهم الشيطان الرجيم، وأهل الدنيا والشهوات وَمَنْ مُتِّعَ بأموال وبنين.
فقوله تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾. قال القرطبي: (شكاهم إلى اللَّه تعالى، وأنهم عصوه ولم يتّبعوه فيما أمرهم به من الإيمان).
وقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾. أي واتبعوا ساداتهم وأغنياءهم وكبراءهم من أبناء الدنيا والشهوات ممن لم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وهلاكًا في الآخرة.
وقوله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾. قال مجاهد: (عظيمًا). وقال ابن زيد: (كثيرًا).
قال المبرد: (﴿كُبَّارًا﴾ بالتشديد للمبالغة) (١).
والمقصود: مكروا مكرًا كبيرًا عظيمًا، في إصرارهم على الكفر والكبر، وتحريشهم السفلة على قتل نوح ومحاصرة دعوته.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾.
أي: وقال الرؤساء لسفلتهم حافظوا على آلهتكم ولا تتركوا هذه الأنصاب وعظموها.
قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشامٌ عن ابنِ جُرَيجٍ. وقال عطاءٌ عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: [صارت الأوثان التي كانت في قوم نوحٍ في العرب بعْدُ، أَمَّا وَدٌّ: فكانت لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَل، وأما سُوَاعٌ: فكانت لِهُذَيْلٍ، وأمّا يغوثُ: