المُترَفين أصحابَ الأموال، فإنهم أقدرُ على الطاعة من غيرهم، وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم).
وقوله: ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾. يعني رويدًا. أي إلى مدّة آجالهم. وقيل: إلى مدة الدنيا.
قال قتادة: (إن للَّه فيهم طَلِبة وحاجة). قالت عائشة: (لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسير حتى كانت وقعة بدر). رواه ابن جرير بسنده إلى عبد اللَّه بن الزبير عن عائشة.
وفي التنزيل: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا﴾. قال ابن عباس وعكرمة: (﴿أَنْكَالًا﴾: قيودًا).
وقال مجاهد: (الأنكال: القيود). وواحدها نِكْل، وهو ما منع الإنسان من الحركة.
وقيل: سمّي نِكلًا؛ لأنه يُنَكَّلُ به. والجحيم: السعير المضطرمة.
وقوله: ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾. أي: طعامًا يغُصُّ به آكله فلا هو سالك ولا خارج.
قال ابن عباس: (يَنْشِب في الحلق فلا يدخلُ ولا يخرُج).
وقوله: ﴿وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾. أي: وعذابًا مؤلمًا موجعًا.
وقول: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾. أي: تُزَلزل فتتحرك وتضطرب بمن عليها.
ونصب ﴿يَوْمَ﴾ على الظرفية، والتقدير: ينكل بهم ويعذبون ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ﴾.
وقيل: بنزع الخافض، والتقدير: هذه العقوبة في يوم ترجف الأرض والجبال.
وقوله: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾. قال مجاهد: (ينهال). وقال ابن عباس: (الكثيب المهيل: الرمل السائل. أو قال: اللين الذي إذا مسسته تتابع).
وفي لغة العرب: هلت الرمل إذا حُرِّك أسفله. والمهيل: الذي يمرّ تحت الأرجل. والمعنى: تصير الجبال يومئذ ككثبان الرمل بعدما كانت حجارة صماء.
ثم إنها تُنْسَفُ نسفًا لا يبقى لها أثر، حتى تصير الأرض ﴿قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا﴾ [طه: ١٠٦ - ١٠٧] أي: واديًا، ﴿وَلَا أَمْتًا﴾ أي رابية.
وقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ﴾. الخطاب لقريش، والمراد سائر الناس. قال ابن جرير: (﴿رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ﴾ بإجابة من أجاب منكم دعوتي، وامتناع


الصفحة التالية
Icon