وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي اللَّه عنهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما يُصيبُ المسلمَ من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غمٍّ، حتى الشوكةُ يُشاكُها إلا كفَّر اللَّه بها من خطاياه] (١). والنصب: التعب والوصب: المرض.
خامسًا: التحذير من الدار الآخرة.
وهو داخل في قوله تعالى: ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾. وبنحوه قوله جل ذكره في سورة مريم: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم: ٣٩].
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾. قال ابن عباس: (الناقور: الصور). وقال مجاهد: (وهو كهيئة القرن). والمقصود: ذِكْرُ أول شدائد القيامة، وهو النفخ في الصور.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي سعيد قال: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكيفَ أنْعَمُ وصاحِبُ القَرْنِ قد التقمَ القَرْنَ واسْتَمَعَ الإِذْنَ متى يُؤْمَرُ بالنَّفْخِ فَيَنْفُخَ". فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لهم: "قولوا حَسْبُنا اللَّه ونِعْمَ الوكيلُ، على اللَّه توكَّلنا"] (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾. قال ابن عباس: (يقول: شديد).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾. قال قتادة: (فَبَيَّنَ اللَّه على من يقع).
قال النسفي: (وأكّد بقوله: ﴿غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ ليؤذن بأنّه يسير على المؤمنين. أو ﴿عَسِيرٌ﴾ لا يرجى أن يرجع يسيرًا كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا).
١١ - ٣٠. قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (١٩٨٠)، أبواب صفة القيامة. باب ما جاء في الصُّور.