دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مُصارعته وقال: إن صَرَعتني آمنتُ بك. فصَرعَهُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرارًا فلم يؤمن).
وقال القرطبي: (﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾ أي لم نجعلهم رجالًا فتتعاطون مغالبتهم).
والمقصود: فمن يطيق الملائكة ومن يغلبهم، وهم أقوم خلق اللَّه بحقه، والغضب له، وأشدهم بأسًا، وأقواهم بطشًا؟
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال قتادة: (إلا بلاء). وروي عن ابن عباس من غير وجه قال: (ضلالة للذين كفروا، يريد أبا جهل وذويه).
وقيل: (إلا عذابًا). أي جعلنا ذلك سبب كفرهم وسبب العذاب.
والمقصود: إنما جعلنا عدد الملائكة الزبانية الشداد ﴿تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ إضلالًا ومحنة للكافرين، حتى قالوا ما قالوا مستهزئين، ليتضاعف عذابهم ويكثر غضب اللَّه عليهم، قال الجبائيّ: (المراد من الفتنة تشديد التعبد ليستدلوا ويعرفوا أنه تعالى قادر على أن يقوّي هؤلاء التسعة عشر على ما لا يقوى عليه مئة ألف ملك أقوياء). وقال الكعبي: (المراد من الفتنة الامتحان، حتى يفوّض المؤمنون حكمة التخصيص بالعدد المعيّن إلى علم الخالق سبحانه. قال: وهذا من المتشابه الذي أمروا بالإيمان به).
وقوله: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾. قال ابن عباس: (وإنها في التوراة والإنجيل تسعة عشر، فأراد اللَّه أن يستيقن أهل الكتاب، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا). وقال مجاهد: (يجدونه مكتوبًا عندهم عدّة خزنة أهل النار).
وقال قتادة: (يصدق القرآن الكتب التي كانت قبله فيها كلها، التوراة والإنجيل، أن خزنة النار تسعة عشر). وقال أيضًا: (ليستيقن أهل الكتاب حين وافق عدّة خزنة النار ما في كتبهم). وقال ابن زيد: (﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ أنك رسول اللَّه).
وقوله: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا﴾. أي: إلى إيمانهم، وذلك بما يشهدون من صدق إخبار نبيهم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله: ﴿وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: ولا يشكّ أهل التوراة والإنجيل في حقيقة ذلك والمؤمنون باللَّه من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله: ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾. أي: وليقول المنافقون