حسن عن أبي هريرة مرفوعًا: [ليلةُ القَدْر ليلةُ سابِعَةٍ أو تاسعةٍ وعِشرين، إنَّ الملائكة تلكَ الليلةَ في الأرض أكثرُ مِن عددِ الحصى] (١).
وقوله: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾. قال مجاهد: (النار). والمعنى: ما هذه النار الموصوفة بما ذكر إلا تذكرة ذكر اللَّه تعالى بها البشر -وهم بنو آدم-.
وقوله تعالى: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ﴾. قال القاسمي: (﴿كَلَّا﴾ ردع لمن أنكر العدة أو سقر أو الآيات، أو إنكار لأن تكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون).
ثم أقسم سبحانه بالقمر وبما بعده، فقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ﴾. أي: ولّى. قال ابن عباس: (دبوره: إظلامه).
وقوله تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾. أي أشرق. قال قتادة: (إذا أضاء وأقبل).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾. قال مجاهد: (يعني: جهنم).
والمقصود: إن جهنم لإحدى الكبر، أي الأمور العظام.
وقوله تعالى: ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾. أي إنذارًا لهم. قال قتادة: (قال الحسن: واللَّه ما أُنذر الناسُ بشيء أدهى منها، أو بداهية هي أدهى منها).
وقوله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾. قال ابن عباس: (من شاء اتبع طاعة اللَّه، ومن شاء تأخر عنها). وقال قتادة: (يتقدّم في طاعة اللَّه، أو يتأخَّر في معصيته).
وفي الآية إثبات مشيئة العبد في اختيار الطريق، وهي مشيئة مقهورة بمشيئة اللَّه عز وجل، كما قال جل ذكره: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠]. فله الأمر سبحانه وله الحكمة والحجة البالغة.
٣٨ - ٥٦. قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا

(١) إسناده حسن. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (٢٥٤٥)، وعنه أحمد (٢/ ٥١٩)، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ٢٢٣). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٢٢٠٥). وقال الألباني: وهذا إسناد حسن.


الصفحة التالية
Icon