وروى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: [كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا نزل عليه الوحيُ حَرَّك به لسانَه يُريد أنْ يحفَظَهُ، فأنزل اللَّه: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾] (١). وفي رواية: [فقيل له: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ - يخشى أن يتفلت منه].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾. قال البخاري: قال ابن عباس: [﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾: أن نَجْمَعَهُ في صدرك ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ أن تَقْرَأه] (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾. قال ابن عباس: (﴿قَرَأْنَاهُ﴾: بَيّناه. ﴿فَاتَّبِعْ﴾: اعْمَل به). ذكره البخاري في "كتاب التفسير" عند هذه الآية أول الباب.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: [﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾: فإذا أَنْزلْنَاهُ فاستمع ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ علينا أن نُبَيِّنَهُ بلسانِك. قال: فكان إذا أتاهُ جِبريلُ أطْرَقَ، فإذا ذهب قرأهُ كما وعَدَهُ اللَّه] (٣).
وقوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾. قال قتادة: (اختار أكثر الناس العاجلة، إلا من رحم اللَّه وعصم). قال النسفي: (﴿كَلَّا﴾ ردع عن إنكار البعث أو ردع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العجلة وإنكار لها عليه، وأكّده بقوله: ﴿بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ﴾ كأنه قيل: بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء، ومن ثم تحبّون العاجلة الدنيا وشهواتها ﴿وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ الدار الآخرة ونعيمها فلا تعملون لها).
وقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾. أي: ناعمة غضة حسنة مشرقة. قال مجاهد: (مسرورة). وقال: (الوجوه الحسنة. نضرة الوجوه: حُسنها. من السرور والنعيم والغبطة).
وقال ابن زيد: (الناضرة: الناعمة). قلت: والنَّضْرة في لغة العرب: الحُسْن والرَّوْنَق.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٩٢٧)، كتاب التفسير، سورة القيامة (آية: ١٦). وانظر كذلك الحديث (٤٩٢٨) - عند الآية (١٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٩٢٨)، كتاب التفسير، عند هذه الآية.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٩٢٩)، كتاب التفسير، في ختام حديث في تفسير هذه الآيات من سورة القيامة: (١٦ - ١٩). وانظر مسند أحمد (١/ ٣٤٣) نحوه.


الصفحة التالية
Icon