و ﴿أَوْلَى لَكَ﴾ بمعنى ويل لك (١)، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره ولاء متكررًا مضاعفًا، فَكُرِّر للتأكيد. كأنه قيل: ويل لك فويل لك، ثم ويل لك فويل لك.
وقيل: ويل لك يوم الموت، وويل لك في القبر، وويل لك حين البعث، وويل لك في النار. حكاه النسفي.
وقيل: المعنى بُعْدًا لك. فبعدًا في أمر دنياك، وبعدًا لك فبعدًا في أمر أخراك -حكاه الرازي عن القاضي. ثم قال: قال القفال: (هذا يحتمل وجوهًا: أحدها- أنه وعيد مبتدأ من اللَّه للكافر.
والثاني: أنه شيء قاله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعدوه -يعني أبا جهل- فاستنكره عدو اللَّه لعزته عند نفسه، فأنزل اللَّه تعالى مثل ذلك.
والثالث: أن يكون ذلك أمرًا من اللَّه لنبيّه بأن يقولها لعدو اللَّه، فيكون المعنى: ثم ذهب إلى أهله يتمطى، فقل له يا محمد: أولى لك فأولى، أي احذر، فقد قرب منك ما لا قبل لك به من المكروه).
وقيل: الأحسن أنه أفعل تفضيل خبر لمبتدأ يقدر كما يليق بمقامه. فالتقدير هنا: النار أولى لك. يعني: أنت أحق بها، وأهل لها - حكاه الزمخشري.
قلت: وكل ما سبق من وجوه الإعجاز البلاغي الذي يظهر وجوه الإعجاز القرآني، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾. قال ابن عباس: (يقول: هملًا).
وقال مجاهد: (لا يؤمر، ولا يُنهى). وقال السدي: (يعني لا يبعث).
وقال ابن كثير: (والظاهر أن الآية تعمّ الحالين، أي: ليس يترك في هذه الدنيا مُهْمَلًا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يُترك في قبره سُدًى لا يُبعث، بل هو مأمورٌ منهيٌّ في الدنيا، محشورٌ إلى اللَّه في الدار الآخرة. والمقصود هنا إثبات المعاد، والردّ على من أنكره من أهل الزَّيغِ والجهل والعِناد).