من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر قال ﴿كَفُورًا﴾ بصيغة المبالغة، واللَّه تعالى أعلم.
٤ - ١٢. قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (٤) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)﴾.
في هذه الآيات: وَصْفُ حال الكافرين في السلاسل والجحيم، ونَعْتُ حال المتقين في الملذات والسرور والنعيم، فإنهم كانوا قبل ذلك محسنين، يعظمون أوامر ربهم ويخشون يوم الحشر العظيم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا﴾.
السلاسل: القيود في جهنم طول كل سلسلة سبعون ذراعًا كما مضى في "الحاقة". والأغلالُ جمع غُلّ. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إنا أعتدنا لمن كفر نعمتنا وخالف أمرنا سلاسل يُسْتوثق بها منهم شدًّا في الجحيم ﴿وَأَغْلَالًا﴾ يقول: وتشدّ بالأغلال فيها أيديهم إلى أعناقهم. وقوله: ﴿وَسَعِيرًا﴾ يقول: ونار تُسعر عليهم فتتوقد).
وعن جبير بن نُفير، عن أبي الدرداء كان يقول: (ارفعوا هذه الأيدي إلى اللَّه جل ثناؤه قبل أن تُغَلَّ بالأغلال). وقال الحسن: (إن الأغلال لم تجعل في أعناقِ أهل النار؛ لأنهم أعجزوا الربّ سبحانه ولكن إذلالًا).
وفي جامع الترمذي ومسند أحمد بسند حسن عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يُحشر المتكبرون يوم القيامةِ أمثالَ الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل