للَّه الذي أحياكَ لنا، وأحيانا لكَ. فيقول: ما أعطيَ أحدٌ مثل ما أعطيتُ] الحديث (١).
وقوله: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾.
السندس: ما رقّ من الديباج، والإستبرق: ما غلظ منه. قال الزجاج: (هما نوعان من الحرير). وقوله: ﴿عَالِيَهُمْ﴾ يفيد أن ذلكَ اللباس ظاهر بارز للزينة والجمال.
فالرفيع منه كالقمصان مما يلي الأبدان، والنوع الأغلظ على الظاهر وله البريق واللمعان. و ﴿خُضْرٌ﴾ نعت للثياب.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [مَن يدخل الجنة ينعم ولا يبأس، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، في الجنة ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر] (٢).
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: [أهدى أكيدر (٣) دومة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جبة من سندس، فتعجب الناس من حسنها. فقال: "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا"] (٤).
وفيهما من حديث البراء قال: [أهدي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثوب حرير فجعلوا يعجبون من لينه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تعجبون من هذا؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا] (٥). وفي رواية: (خير منها وألين).
وقوله: ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾. أي: وحلَّاهم ربهم أساور -جمع أسورة- من فضة. والمقصود بذلك: حلية الأبرار. وأما المقرّبون فتميزوا عنهم كما قال جل ذكره: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ [الحج: ٢٣].
وقوله: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾. قال أبو قلابة وإبراهيم النخعي: (يؤتون بالطعام، فإذا كان آخره أُتوا بالشراب الطهور، فيشربون، فتضمر بطونهم من ذلك ويفيض عرق من أبدانهم مثل ريح المسك). قال ابن جرير: (﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾. يقول تعالى ذكره: وسقى هؤلاء الأبرار ربُّهم شرابًا طهورًا، ومن طهره أنه

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١/ ١٢٠)، (١/ ١٣٥)، وأخرجه أحمد (٣/ ٢٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٨٣٦)، كتاب الجنة ونعيمها. وانظر كذلك (٢٨٢٤).
(٣) أكيدر دومة: أي أميرها.
(٤) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٢٦١٥)، (٣٢٤٨)، وصحيح مسلم (٢٤٦٩).
(٥) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٨٠٢)، (٥٨٣٦)، وأخرجه مسلم (٢٤٦٨) عن البراء.


الصفحة التالية
Icon