فقال: انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب: شعبة هاهنا، وشعبة هاهنا، وشعبة هاهنا).
وقوله تعالى: ﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾. أي: ثم إنّ ظل الدخان لا يغني بنفسه من اللهب، فهو لا يظلهم من حرها، ولا يُكنُّهم من لهبها. قال القرطبي: (﴿لَا ظَلِيلٍ﴾ أي: ليس كالظلّ الذي يقي حرَّ الشمس ﴿وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ أي لا يدفع من لهب جهنم شيئًا. واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت، من أحمر وأصفر وأخضر).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾. أي: وإنما يتطاير الشرر من لهبها كالقصر. قال ابن مسعود: (كالحصون). وقال ابن عباس ومجاهد: (يعني أصول الشجر). والشرر جمع شررة، والشرار جمع شرارة، وهو ما تطاير من النار من كل جهة، وأصله عند العرب من شَرَّرت الثوب إذا بسطته للشمس ليجف. والمقصود: يتطاير شرر نار جهنم كالقصر -وهو البناء العالي- في العظم، أو كارتفاع الغليظ من الشجر (جمع قصرة).
وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾. فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: قيل المراد به الإبل السود، ذكره الحسن وقتادة واختاره ابن جرير.
التأويل الثاني: قيل بل المراد قطع النحاس. وذكره ابن عباس.
التأويل الثالث: قيل بل المراد به حبال السفن، ذكره مجاهد.
وقال البخاري: (حدثنا عمرو بن علي: حدثنا يحيى: أخبرنا سفيان: حدثني عبد الرحمن بن عابس قال: [سمعت ابن عباس رضي اللَّهُ عنهما يقول: ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ قال: كُنّا نَعْمِدُ إلى الخشبة ثلاثةَ أَذْرُعٍ وفوق ذلكَ، فَنَرْفَعُه للشتاء فنسميه القَصْرَ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾: حِبالُ السُّفُن تُجْمَعُ حتى تكون كأوساط الرجال] (١).
قلت: وخلاصة القول - فإن شدة اللهب المنبعث من سعير جهنم يتطاير شرره في السماء بشدة وسرعة، حتى ينشطر ثلاثة فروع، كل واحد منهم كحبل السفينة المفتول والعياذ باللَّه.
وقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. أي: فويل يومئذ للمكذبين بهذا الوعيد الذي توعده اللَّه المكذبين، للوحي والمرسلين.
وقوله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾. أي: لا يتكلمون. وسئل ابن عباس رضي اللَّه