عنهما عن هذه الآية، وعن قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ [الزمر: ٣١] فقال: (في ذلكَ اليوم مواقف، في بعضها يختصمون، وفي بعضها لا ينطقون). أو المعنى لا ينطقون بما ينفعهم فجعل نطقهم كلا نطق - حكاه النسفي.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾. أي: ولا يسمح لهم في الاعتذار والتنصل، فقد قامت عليهم حجة اللَّه البالغة، وفاتهم قطار الاعتذار والتوبة.
وقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. أي: بهذه الحقائق والمشاهد من الخزي يوم القيامة.
وقوله: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾. أي: ويقال لهم يوم يبعثون: هذا اليوم هو يوم يفصل اللَّه فيه بين عباده، فيتبين المحق من المبطل. والخطاب لهؤلاء المكذبين بالبعث.
وقوله: ﴿جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾. قال ابن عباس: (جمع الذين كذبوا محمدًا والذين كذّبوا النبيين من قبله).
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾. قال الضحاك، عن ابن عباس: (أي قدرتم على حرب: "فكيدوني" أي حاربوني). وقال القرطبي: (﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ﴾ أي حيلة في الخلاص من الهلاك ﴿فَكِيدُونِ﴾ أي فاحتالوا لأنفسكم وقاووني (١) ولن تجدوا ذلكَ). وهو تهديد شديد ووعيد أكيد، مفاده أنهم سيكونون يومئذ في قبضة حكمه سبحانه فيهم، فلا مفرّ ولا خلاص ولا نجاة.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [هود: ٥٧].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل: [يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني] (٢).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:

(١) في القاموس: التقاوي: تزايد الشركاء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٧)، وأحمد في المسند (٥/ ١٦٠) في أثناء حديث طويل.


الصفحة التالية
Icon