جسده، فينتزعها كما يُنْتَزع السَّفُود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾. قال ابن عباس: (يعني الملائكة تنشط نفس المؤمن، فتقبضها كما يُنْشَط العِقال من يد البعير: إذا حُلَّ عنه). وقال أيضًا: (هي أنفس المؤمنين عند الموت تَنْشَطُ للخروج، وذلك أنه ما من مؤمن يحضره الموت إلا وتُعرض عليه الجنة قبل أن يموت، فيرى فيها ما أعدّ اللَّه له من أزواجه وأهله من الحور العين، فهم يدعونه إليها، فنفسه إليهم نشطَة أن تخرج فتأتيهم).
قلت: والمقصود الملائكة حين تأخذ أرواح المؤمنين عند الاحتضار فتجذبها برفق. فالنزع جذب بشدة و ﴿وَالنَّازِعَاتِ﴾ للكافرين. والنشط جذب برِفق ﴿وَالنَّاشِطَاتِ﴾ للمؤمنين.
وفي حديث البراء السابق: [إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من اللَّه ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها] الحديث.
وقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾. قال علي رضي اللَّه عنه: (هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين). وقال مجاهد: (هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر اللَّه، كما يقال للفرس الجواد سابح: إذا أسرع في جريه). وعن مجاهد أيضًا: (الملائكة تسبح في نزولها وصعودها).
والمقصود: هم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر اللَّه، يسبحون في الهواء كما يسبح الغواص في الماء.
وقوله تعالى: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾. قال علي رضي اللَّه عنه: (هي الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء عليهم السلام). وقال مجاهد: (هي الملائكة تسبق ابن آدم بالخير والعمل الصالح). وقيل: تسبق ابن آدم إلى العمل الصالح فتكتبه.