وقوله تعالى: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾. قال الحسن: (يده وعصاه). وقال ابن زيد: (العصا والحية). والمقصود: أظهر له موسى حجة بالغة تدل على صدق النبوة.
وقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى﴾. أي فكذب بالآيات والنبوة، وعصى ربه عز وجل.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾. أي: ثم ولّى معرضًا عن الحق الذي أُظهر له، ومضى يسعى في معصية اللَّه وفيما يسخطه عليه. قال مجاهد: (﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ قال: يعمل بالفساد). وقيل: مضى في مقابلة الحق بالباطل، فجمع السحرة ليقابلوا معجزة موسى الباهرة.
وقوله تعالى: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾. قال ابن زيد: (صرخ وحشر قومه، فنادى فيهم، فلما اجتمعوا قال: أنا ربكم الأعلى، فأخذه اللَّه نكال الآخرة والأولى). وقيل: جمع جنوده للقتال والمحاربة، والسَّحرة للمعارضة. وقيل: حشر الناس للحضور فقال لهم بصوت عال ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ أي لا رب لكم فوقي، يحاول تثبيت اهتزاز سلطانه. قال القاضي: (وقد كان الأليق به، بعد ظهور خزيه عند انقلاب العصا حية، أن لا يقول هذا القول. لأن عند ظهور الذلة والعجز كيف يليق أن يقول ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾؟ فدلت هذه الآية على أنه في ذلك الوقت صار كالمعتوه الذي لا يدري ما يقول).
وقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾. أي: فعاقبه اللَّه وانتقم منه انتقامًا جعله به عبرةً ونكالًا لأمثاله من الطغاة والمتمردين في الدنيا، وإمامًا إلى النار يوم القيامة.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ [هود: ٩٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [القصص: ٤١].
فيكون قوله: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ يعني الدنيا والآخرة. وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية. وقيل: كفره وعصيانه. والراجح الأول، لدلالة الآيات السابقة على ذلك، فهو ملعون في الدنيا والآخرة.
أخرج الترمذي بسند صحيح عن شعبة قال: أخبرني عدي بن ثابت، وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ذكر أحدهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أَنَّهُ ذكرَ