وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾. قال ابن عباس: (يعني بذلك خروجه من بطن أمه يسَّره له). وقال مجاهد: (هو كقوله: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٣]). وقال الحسن: (سبيل الخير). وقال ابن زيد: (هداه للإسلام الذي يسَّره له، وأعلمه به، والسبيل سبيل الإسلام).
قلت: وقول مجاهد والحسن وابن زيد أنسب لسياق الآيات، الخلق فإقامة الحجة فالموت فالبعث والحساب، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾. يعني: ثم قبض روحه في نهاية أجله، فأماته بعد ذلك، فوضعه في حفرةٍ وصيّره ذا قبر. قال أبو عبيدة: (﴿فَأَقْبَرَهُ﴾: جعل له قبرًا، وأمر أن يُقْبَر). وعن الفَرَّاء: (أي جعل له قبرًا يوارَى فيه إكرامًا، ولم يجعله مما يُلْقى على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي (١)).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾. أي: أحياه بعد موته. ومنه يقال البعث والنشور. وفي الصحاح: نَشَرَ الميتُ فهو ناشِرٌ: عاشَ بعد الموت. وأنشره اللَّه تعالى: أحياه.
وقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾. -كلّا- ردع للإنسان عن الكفر. وعن مجاهد: (﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ قال: لا يقضي أحد أبدًا ما افْتُرِض عليه، أو كل ما افترض عليه). وقال النسفي: (لم يفعل هذا الكافر ما أمره اللَّه به من الإيمان). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: كلّا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر، من أنه قد أدّى حق اللَّه عليه، في نفسه وماله، لَمَّا يقض ما أمره، لم يُؤَدِّ ما فرض عليه من الفرائض رَبُّه).
وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾. قال مجاهد: (وشرابه. قال: إلى مأكله ومشربه. آية لهم). قال ابن كثير: (فيه امتنانٌ وفيه استدلالٌ بإحياء النبات من الأرض الهامِدةَ على إحياء الأجسام بعد ما كانت عظامًا بالية وتُرابًا مُتَمزقًا).
وقوله تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾. أي أنزلنا المطر من السماء إنزالًا، وصببناه على الأرض صَبًّا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا﴾. أي: ثم تخلل الماء في الأرض ودخل في تخومها، ولامس الحبّ المودع فيها، ففتقنا الأرض عن الحب أول ما نبت، لصغره وضعفه عن شقها، حتى نبت وارتفع وظهر على وجه الأرض.