وقوله تعالى: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾. يعني حبّ الزرع، ويشمل جميع ما يُذكر من الحبوب، كالحنطة والشعير وغير ذلك من قوت الناس. والمقصود: أن النبات لا يزال ينمو ويتزايد إلى أن يصير حبًا في حالة الانتفاع والغذاء.
وقوله تعالى: ﴿وَعِنَبًا وَقَضْبًا﴾. - ﴿وَعِنَبًا﴾ أي: وكرم عنب. والقضب: القتّ الرطب الذي تعلف به الدواب. قال الحسن: (القضب: العَلَف). وقال قتادة: (القضب: الفصافص). وعن ابن عباس: (﴿وَقَضْبًا﴾ يقول: الفِصفِصة). وهي التي تأكلها الدواب رطبة وتدعى القتّ. وسمي "قَضْبًا" لأنه يقضب، أي يقطع مرة بعد أخرى.
وقوله: ﴿وَزَيْتُونًا﴾. أي شجرة الزيتون التي يستخرج من نتاجها الزيت، وهو أُدْمٌ وعصيره أُدْمٌ، ويُدَّهن به ويستصبح به.
أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ائتدِمُوا بالزَّيت وادَّهِنُوا به، فإنه مِنْ شجرة مباركة] (١).
وفي رواية: [كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة].
وفضل الزيت وارد في القرآن الكريم، في قوله تعالى في سورة "النور": ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾.
قال ابن القيم في "زاد المعاد": (الزيت حار رطب في الأولى، وغلط من قال: يابس، والزيت بحسب زيتونه، فالمعتصر من النضيج أعدلُه وأجوده، ومن الفج فيه برودة ويُبوسة، ومن الزيتون الأحمر متوسط بين الزيتين، ومن الأسود يُسخن ويرطب باعتدال، وينفع من السموم، ويطلق البطن، ويخرج الدود، والعتيق منه أشد تسخينًا وتحليلًا، وما استُخْرج منه بالماء فهو أقل حرارة، وألطف وأبلغ في النفع، وجميع أصنافه مليّنة للبشرة، وتبطئ الشيب. قال: وماء الزيتون المالح يمنع من تَنفُّط حرق النار، ويشد اللِّثَةَ، وورقُه ينفع من الحمرة والنّملة، والقروح الوسخة، والشَّرى، ويمنع العرق، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا).
وقوله: ﴿وَنَخْلًا﴾ -يعني النخيل. قال ابن كثير: (يُؤكَلْ بلحًا بُسرًا وَرْطَبًا، وتَمرًا، ونيئًا، ومَطبوخًا، ويُعْتَصَرُ منه رُبٌّ وَخَلٌّ).

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٣٣١٩) - كتاب الأطعمة. باب الزيت. وانظر صحيح سنن ابن ماجة (٢٦٨٢)، ومختصر الشمائل (١٣٣ - ١٣٤). وانظر للرواية الأخرى جامع الترمذي (١/ ٣٤٠)، ومستدرك الحاكم (٢/ ١٢٢).


الصفحة التالية
Icon