وهي وجوه الكرام البررة، أو عليها غبرة وترهقها قترة وهي وجوه الكفرة الفجرة.
فقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾. قال ابن عباس: (﴿الصَّاخَّةُ﴾: اسم من أسماء القيامة، عَظَّمَهُ اللَّه، وحَذَّره عباده). قال البغوي: (﴿الصَّاخَّةُ﴾: يعني صيحة القيامة، سُمِّيت بذلك لأنها تَصُحُّ الأسماعَ، أي تُبالِغُ في إسماعها حتى تكاد تُصِمُّها). وفي الصحاح: (﴿الصَّاخَّةُ﴾ الصَّيْحَةُ تُصِمُّ لِشدَّتها تقول: صَخَّ الصوتُ الأذنَ من باب ردَّ). قال الرازي: (ومنه سميت القيامة ﴿الصَّاخَّةُ﴾). واختار القرطبي أنها النفخة الثانية، فهي التي تَصُحُّ الأسماع، أي تُصِمُّها فلا تسمع إلا ما يُدْعَى به للأحياء. وذكر نحوه ابن جرير.
وفي سنن أبي داود بسند صحيح من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [ما من دابة إلا وهي مُصِيخَةٌ يومَ الجمعة من حينِ تُصبحُ حتى تطلعَ الشمس شفقًا من الساعة إلا الجن والإنس] (١).
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾.
أي: تجيء الصاخة في اليوم الذي يهرب الإنسان من ألصق الناس به وأعزهم عليه لانشغاله بنفسه. قال قتادة: (الأحبّ فالأحبّ، والأقرب فالأقرب، من هول ذلك اليوم).
قال ابن جرير: (ويعني بقوله يفر من أخيه: يفر عن أخيه. ﴿وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ﴾ يعني زوجته التي كانت في الدنيا ﴿وَبَنِيهِ﴾ حذارًا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التبعات والمظالم).
وقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾. أي: كل امرئٍ يومئذ هو في شغل شاغِله عن غيره، فهو يشغله حتى عن الأقرباء ويصرفه عنهم، ويفرّ عنهم حذرًا من مطالبتهم إياه بما بينهم، ولئلا يروا ما هو فيه من الشدة. وعن قتادة: (﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ أفضى إلى كل إنسان ما يشغله عن الناس).
أخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ["تحشرون حُفاةً