أنه أحمد -عليه الصلاة والسلام. قال ابن كثير: (أي: المُبَشَّر به في الأعصار المتُقَادمة المُنَوَّه بِذِكْرِهِ في القرون السالفة، لما ظهر أمرُه وجاء بالبينات قال الكفرة المخالفون: ﴿هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾). قال القاسمي: (والإشارة إلى ما جاء به أو إليه، عليه الصلاة والسلام، وتسميته سحرًا مبالغة. يريد عليه السلام: أن ديني التصديق بكتب اللَّه وأنبيائه جميعًا، ممن تقدّم وتأخّر).
فائدة: الفرق بين أحمد ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال ابن القيم في "جلاء الأفهام": (الفرق بين محمد وأحمد من وجهين:
أحدهما: أن محمدًا هو المحمود حمدًا بعد حمد، فهو دالّ على كثرة حمد الحامدين له، وذلك يستلزم كثرة موجبات الحمد فيه. و ﴿أَحْمَدُ﴾ أفعَل تفضيل من الحمد، يدل على أن الحمد الذي يستحقه أفضل مما يستحقّه غيره. فمحمد زيادة حمد في الكمية، وأحمد زيادة في الكيفية، فيحمد أكثر حمد، وأفضل حمد حمده البشر.
والوجه الثاني: أن محمدًا هو المحمود حمدًا متكررًا كما تقدم، وأحمد هو الذي حمده لربه أفضل من حمد الحامدين غيره. فدلّ أحد الاسمين -وهو محمد- كونه محمودًا. ودل الاسم الثاني -وهو أحمد- على كونه أحمد الحامدين لربه).
٧ - ٩. قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)﴾.
في هذه الآيات: ذمُّ من اختار سبيل الفرية والكذب على اللَّه طريقًا له واللَّه لا يوفق القوم الظالمين، الذين يحاولون إطفاء نور اللَّه واللَّه ناصر دينه ومظهر رسوله ولو كره المشركون.
فقوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ﴾. أي: لا أحد أظلمُ ممن يختار سبيل الفِرية والكذب على اللَّه وقد ظهر أمر الدين الحق بالبينات والمعجزات، فهو يُدعى إلى التوحيد والإخلاص ويأبى إلا البقاء على الشرك والرياء. قال القرطبي: (هذا تعجُّب ممن كفر بعيسى ومحمد بعد المعجزات التي ظهرت لهما).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. أي: جزاء وفاقًا. فإنّ مقابلة الفرية والكذب إنما