٢ - وقال مجاهد: (اضمَحَلّت وذهبت). وقال قتادة: (ذهب ضوؤها).
٣ - وقال سعيد بن جبير: (﴿كُوِّرَتْ﴾: غُوِّرَتْ). وقال أبو صالح: (نُكِّسَت).
٤ - وقال الربيع بن خُثَيم: (﴿كُوِّرَتْ﴾ يعني: رُمِيَ بها). وقال أبو صالح أيضًا: (أُلقيت). وقال زيد بن أسلم: (تقع في الأرض).
قال ابن جرير: (والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جَمْعُ الشيء بعضِه على بعض، ومنه تكوير العِمامة وهو لَفُّها على الرأس، وكتكوير الكارة وهو جمع الثياب بعضِها إلى بعض ولفّها، وكذلك قوله: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لُفَّت فرمي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوؤها).
قلت: وقد ثبت في السنة الصحيحة أن الشمس والقمر ثوران مُكَوّران في النار يوم القيامة.
فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [الشمسُ والقمرُ مُكَوَّرانِ يومَ القيامة] (١).
وأخرج الإمام الطحاوي في "مشكل الآثار" بإسناد صحيح على شرط البخاري عن عبد اللَّه بن الداناج (٢) قال: شهدت أبا سلمة بن عبد الرحمن جلس في مسجد في زمن خالد بن عبد اللَّه بن خالد بن أسيد، قال: فجاء الحسن فجلس إليه فتحدثا، فقال أبو سلمة: حدثنا أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة]. فقال الحسن: ما ذنبهما؟ ! فقال: إنما أحدثك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسكت الحسن (٣).
قال الإسماعيلي: (لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما، فإن للَّه في النار ملائكة وحجارة وغيرها لتكون لأهل النار عذابًا وآلة من آلات العذاب، وما شاء اللَّه من ذلك فلا تكون هي معذبة).
وقال الخطابي: (ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك، ولكنه تبكيت من
(٢) بفتح الدال والنون معناه العالم، معرب (دانا)، كما في "الباب" وغيره.
(٣) حديث صحيح. أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (١/ ٦٦ - ٦٧)، ورواه البيهقي في كتاب "البعث والنشور"، وكذا البزار والإسماعيلي والخطابي، وإسناده صحيح على شرط البخاري كما ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة (١٢٤).